الشيف السورية المبدعة ” رانيا مكانسي” تفتح قلبها لقراء دزيريات : “أطلب من كل امرأة الاستجابة لنداء جسدها “و ما تغلط الغلطة التي أنا غلطتها “

حوار 2019. لويزة سلطاني/ هي طاهية طالما أخذتنا في رحلات ممتعة إلى المطابخ الشرقية، وخاصة السورية، التي تعكس هويتها من خلال برنامج “سفاري” على قناة سميرةTV. استقبلت في البيوت الجزائرية أحرّ استقبال، ودخلت من أوسع أبوابها بفضل طريقتها المميزة والبسيطة في تحضير الأطباق بكل احترافية. قد تشرفت بلقاء الشيف السورية المقيمة في الجزائر رانيا مكانسي.

 “حب ما تعمل لكي تعمل ما تحب.”

قراء مجلة دزيريات يعرفون رانيا مكانسي الطاهية، حدثينا قليلاً عن رانيا المرأة؟

رانيا، أم لولدين، نعمة الله 19 سنة ومحمد نديم 21 سنة. درست اللغة العربية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة حلب، وتخرجت وأصبحت أستاذة للغة العربية. اشتغلت في المجال، لكن هوايتي كانت أكبر من التدريس بكثير، بالرغم من نبل هذا العمل، فشغفي وولعي بالطبخ تعدى حدود المعقول.

احترافك للطبخ كان عن طريق الممارسة أم دراسة في المجال؟

مع بدايات 2005، انطلقت قناة في المشرق العربي تدعى “فتافيت” كنت أتابعها باستمرار دون كلل أو ملل، فتكون لدي عشق وله لشيء اسمه المطبخ وفن الطبخ. كنت أدون كل وصفة وملاحظة يعطيها كل شيف وأعيد تحضيرها في المنزل، حتى أصبحت أدخل بعض التعديلات في الوصفات لأضبطها بنكهاتنا الشرقية وحتى الغربية منها.

بداية المغامرة من سوريا إلى الجزائر، اروي لنا القصة

في أواخر 2004، عُرض على زوجي العمل في مطعم خاص بالأكلات الشرقية بالجزائر كونه كان مولعًا ومحترفًا لفن الطبخ. بعدها انتقلنا للعيش هنا في الجزائر، التي أعتبرها بلدي الثاني. شاءت الأقدار أن زوجي قرر أن نعود كلنا إلى سوريا بعد غياب طويل. كنت أصعد سلم الطائرة وأدعو ربي بالعودة إلى الجزائر، وتقبل الله دعائي. رجعت في أفريل 2012 بسبب الظروف التي كان يعيشها البلد آنذاك. بدأت مغامرتي في البحث عن عمل في مجال الطبخ الذي كنت مولعة به.

حدثينا عن ولوجك لعالم الشاشة الصغيرة وقناة سميرة تحديدًا

كما سبق وقلت، بدأت بالبحث عن عمل في مجال الطبخ، وهدفي كان التعريف بالطبخ الشرقي وبالتحديد الأكل السوري للجزائريين. تقدمت بطلب عمل لقناة خاصة، قبلت وبدأت وقدمت 15 حصة خاصة بالحلويات الشرقية، لكنني لم أجد نفعًا. بعدها بأيام قليلة، افتتحت قناة خاصة بالطبخ في 2013. حاولت كثيرًا الوصول للقناة، لكن الأمر كان شبه مستحيل. وفي أحد الأيام، التقيت بشابة سورية في المعرض، تبادلنا أطراف الحديث ومنه عرفت أن زوجها يشتغل بالإخراج والمونتاج، وأن له موعدًا مع مدير قناة سميرة. أحسست أنها كانت بابي وفرصتي الوحيدة التي لا يمكن أن أضيعها. طلبت من زوجها أن يضعني في اتصال مع المديرة، وبالفعل اتصلت به وطلب مني إجراء مقابلة مع مدام سميرة. أجريت كاستينغ خاص بالطبخ السوري، أتذكر أني حضرت ورق العنب، المتبل، شوربة العدس، تقريبًا 6 أكلات. قبلت في الكاستينغ وبدأت مباشرة في برنامج “سفاري”. بعدها بأيام عرض علي العمل في نفس القناة، لكن بقسم التدقيق اللغوي بالكونترول لمساعدة الطهاة على التعبير السليم، كوني لدي معرفة في اللغة ومخزون ثقافي في فن الطبخ. وهكذا صعدت الدرج خطوة بخطوة موفقة إلى أن أصبحت مسؤولة الإنتاج بالقناة، الحمد لله.

“صحيح أن لا شيء يمنح على طبق من ذهب، لكن المهم في الأمر أن لا تتركي اليأس يتغلب عليك.”

 

عرفك جمهورك من خلال برنامج “سفاري”، هل كانت أطباقك 100% تقليدية سورية أم أدخلت عليها بعض التعديلات؟

لا، طبعًا، قدمت أطباقًا تقليدية كما كانت تعدها أمي وجدتي، وصفات حلبية وشامية على أصولها، مثل ما يقال. لأني أعتبر الوصفات والأطباق موروث ثقافي لا أحد لديه الحق في إدخال تعديلات عليه.

علاقتك بالمطبخ الجزائري؟

أعشقه كثيرًا، كما أني أعد وصفات جزائرية أصلية طبعًا، كطاجين الزيتون، الكسكس بالمرق الأحمر. للإشارة، أنا أعشق الكسرة والحميس بزيت الزيتون، وذقت عددًا هائلًا من الأطباق، ككسكس الشعير الخاص بمنطقة تندوف بدهن الغنم مع لحم الجمل، أو البغرير وكسرة المقلة بلحم الجمل، والعديد من الأطباق الأخرى من منطقة القبائل، من أيدي خالتي دوجة.

في 21 مارس 2017، انقلبت حياتك رأسًا على عقب، ماذا حدث؟

حدثت لي صدمة كبيرة عندما اكتشفت أني مصابة بسرطان الثدي، وهو في أواخر المرحلة الثانية. الخبر كان ككابوس رهيب عشته في حياتي. صحيح أني كنت أشعر بالتعب دومًا، لكني تهاونت وبقيت أقول إنه نتيجة التعب والعمل، رغم أني كنت أفقد الوعي أحيانًا. ذهبت للطبيب وعملت التحاليل والماموغرافي، وكان واضحًا أن هناك شيئًا غير طبيعي، انكماش بالجلد ولون متغير. سألني متى بدأت ملاحظة هذا التغيير، صدم الطبيب عندما أجبته أنها المرة الأولى. فصدمني بخبر أني كنت مصابة بالسرطان ويجب إجراء العملية في الغد. صدمت، بكيت، تألمت، لكن تمسكي وإيماني بالله ربي العالمين جعلني أقوى لأحارب المرض. لم أستسلم ولم يكن في نيتي الاستسلام لهذا المرض الخبيث. عملت العملية الجراحية وتابعت العلاج، لكني واصلت حياتي العادية والعملية لأرتقي.

رسالة لمتابعيك من قراء دزيريات؟

أهم رسالة يمكن أن أقدمها هي: “استجيبي لنداء جسدك، وما تغلطي الغلطة التي أنا غلطتها.” لا يجب انتظار شهر أكتوبر الوردي لعمل التوعية والكشف المبكر، بالعكس لا تتهاوني في حق صحتك وجسمك لأنه في الأخير ليس ملكًا لنا، ولأن لجسدك عليك حق.