لقاء مع أيقونة الخياطة الرفيعة صاحبة الشخصية المثيرة “ياسمينة شلالي” 

“الإبداع مسار يحتاج إلى وقت”

حوار: فانيسا سلطاني/ لويزة سلطاني. سبتمبر2017

ما هو تعريفك لكلمة إبداع؟

الإبداع في اعتقادي هو فعل حياة في المقام الأول، حيث تكون كل الحواس مستيقظة باستمرار، حادة وقوية. من خلال ذلك، يستطيع كل مبدع حقيقي نقل إحساسه ورؤيته للعالم. مهما كان المجال، سواء كان نحتًا، رسمًا، موسيقى، تصميمًا، أو خياطة رفيعة، أرى أن المسار هو نفسه. الإبداع أيضًا فعل عالمي، تتأسس هندسته على أسس مشتركة، وهو هبة إلاهية يمنح فيها الخالق للمبدع القدرة على التعبير، سواء من خلال قطعة موسيقية، لوحة فنية، أو حتى تصميم فستان. وهذا ما يخلق خصوصية الشخصية الفنية مع تفاوت درجاتها.

هل أنت شخصية صارمة مع نفسك؟

كيف لا أكون كذلك؟ مادام مسار الإبداع محكومًا بمراحل مختلفة، وهو أيضًا محكوم بعنصر الحلم المؤسس على قوة المخيلة التي تستطيع زرع الحياة في الأشياء البسيطة والمفرغة من كل قيمة. كانت مهمتي ووسيلتي في التعبير كمصممة الأزياء رفيعة هي تحويل الاشياء العادية والبسيطة إلى إبداع روحي. لكن المهمة ليست سهلة إطلاقًا، فتصميم فستان يتطلب عملية طويلة ومعقدة تبدأ من جمع العناصر اللازمة، ثم الانتقال إلى مرحلة الإنجاز، بدءًا من اختيار نوعية القماش، التشكيل، التقطيع، التطريز، التفصيل، التزيين، والخياطة، ثم يحين وقت التعديلات الضرورية حتى الوصول إلى النتيجة النهائية المرجوة. لذا، نعم، أنا متطلبة وصارمة مع نفسي.

في مجموعتك لهذا العام (2017)، يسيطر المخملي، الأسود، والذهبي. هل هذا ينحدر من الطابع الملكي أو المسرحي؟
تشكيلتي لهذا العام (2017) تنتمي إلى التراث الجزائري، ولكن بطريقة مختلفة تحمل الكثير من التماهي والانصهار. استوحيت الأسلوب الباروكي الذي أحبه بشدة لما يمثله من عمق ورمزية. في عروض أزيائي، أعتبر التركيب عنصرًا أساسيًا، لأنه يعبر عن قصة، وكل زي يروي تاريخًا خاصًا. أعطي أهمية كبيرة أيضًا للديكور، وضعية العارضة، نظرتها وظلها، لأنها جميعها تؤكد رمزية الفستان، مثل فنانة الموسيقى التي تعدل بين الإيقاع والأغنية لينتج ذلك السحر.

حدثينا عن واقعة أثرت فيك خلال إحدى جلسات التصوير؟
خلال إحدى جلسات التصوير الأخيرة، حدث شيء غير متوقع لإحدى العارضات. فبالرغم من استعدادنا للعمل، شعرت بأن العارضة تمر بمأزق. فجأة، اقتربت مني وقالت: “ياسمينة، هذا الزي يثيرني لدرجة تجعلني أرغب في البكاء”. كانت تلك المرة الأولى التي أواجه فيها موقفًا كهذا. فبغريزة الأمومة، احتضنتها وشعرت بشيء رائع. يجب اختبار هذه المشاعر لمعرفة معانيها الحقيقية.

الجواهر لا تبدو مجرد قطعة إكسسوار، بل تعتبر الأساس، أليس كذلك؟
بالطبع، الجواهر ليست مجرد إكسسوار مكمّل للتسريحة أو الفستان. بل تتجاوز ذلك لتصبح رمزًا ثقافيًا. الجزائريات مغرمات بالجواهر، سواء كانت من الفضة أو الذهب. فهي تعتبر جزء من ثقافتنا وهويتنا.

في عاصمة الموضة باريس، تلهمين منصات الأزياء العالمية. كيف يتصرف الأجانب مع تاريخ اللباس الجزائري؟
ألاحظ أن الجمهور الأجنبي حساس جدًا لعروضي، لأنه يسافر من خلالها عبر الزمن والمناطق المختلفة. أحدهم قال لي مرة: “سيدتي، مجموعتك جعلتنا نسافر عبر الزمن”. يجب أن ندرك أن هذا الجمهور صعب الإرضاء، فهو متمرس وخبير في مثل هذه العروض. ومع ذلك، تراث اللباس الجزائري ينال إعجابهم دائمًا، وهذا شرف كبير لنا.

إبداعاتك جعلتك أيقونة في عالم الخياطة الرفيعة. ما هي الرسالة التي تودين إيصالها إلى قارئات مجلة “دزيريات” ومعجبيك؟
أنا مدركة تمامًا أن لدي معجبات، وهذا أمر مؤثر للغاية. لا يمر يوم دون أن أتلقى رسالة منهن، وبالمقابل لا يمر يوم دون أن أفكر فيهن. أمضيت وقتي بين باريس والجزائر لأني أؤمن بضرورة نقل جمال وثراء اللباس الجزائري إلى العالمية، وباريس كانت المنصة المثالية لتحقيق ذلك.