حنان.س / يعتبر علم الاجتماع ظاهرة الفتاة “المسترجلة” ظاهرة اجتماعية لا يخلو منها أي مجتمع. في حين يرى الطب النفسي أنها حالة مرضية تستوجب العلاج والمتابعة. حالياً، انتشرت هذه الظاهرة بشكل كبير ولم تعد تقتصر على الملبس فقط، بل حتى على الطباع والمعاملة، حيث تحولت المرأة المفعمة بالأنوثة إلى شخصية صلبة وقوية. يبرر البعض هذه الظاهرة بالظروف الاجتماعية التي تجعل الفتاة تكبر في وسط ذكوري، لكن يبقى السؤال: هل من الممكن أن تعود إحداهن إلى الرداء الوردي؟
تحدي التغيير
يقول البعض إن التخلص من سلوك سيء خلال حوار ما سهل، وإن تغيير طباعك السيئة من أجل شخص تحبه ممكن. ولكن، أن تغير جذورك التي كبرت عليها على مر السنين هو الأمر الأصعب على الإطلاق، لأنه يستلزم قدرتين: قدرة الآخرين على العطاء وقدرتك على التغيير.
تجارب شخصية
ملاك، 18 سنة: “لم أكبر في عائلة مليئة بالذكور لأقول أن ذلك السبب في كوني ‘مسترجلة’. لكن في نظري، أنوثة المرأة شيء متعب، لأنه يتطلب منها النهوض صباحاً ووضع الماكياج أو ارتداء ملابس ضيقة ومثيرة، أو اختيار الألوان المناسبة والتسوق للظهور بأجمل طلة. بصراحة، لأنني لا أجد الوقت لذلك، أفضل البقاء على طبيعتي بملابسي الذكورية وشعري القصير.”
منير، 27 سنة: “تعرفت على حبيبتي أسماء في الجامعة. كانت تتميز بأسلوب رجولي فيما يخص اللباس وطريقة الحديث، وهذا ما جذبني إليها. لم أعتقد للحظة أنها ‘مسترجلة’ لأن ذلك يقتصر على الملبس فقط. ومع الوقت أصبحت علاقتنا رسمية. لاحظت في البداية أنها تريد قيادة علاقتنا، فأدركت أن أسلوبها قد تسلل إلى داخلها دون أن تشعر. قررت تحذيرها مراراً وتكراراً من هذا الأسلوب لأنه سيؤثر على علاقتنا وحتى أولادنا مستقبلاً. ومع الوقت، تفهمت الموقف وتجاوبت معي. بعد عدة محاولات مني ومنها، استطاعت التخلي عن ذلك الأسلوب.”
مريم، 22 سنة: “قبل التعرف على صديقتي لمياء في الثانوية، كنت من الفتيات ‘المسترجلات’. كنت أتسكع معهن، أذاكر معهن، أعيرهن ثيابي ويقمن بالمثل. حتى طريقة كلامي، نبرة صوتي، شعري وأظافري القصيرة… كل هذا كان عالمي آنذاك. حتى اقتحمت لمياء ذاك العالم، فلونته بأجمل الألوان. تعلمت معها كيفية الاعتناء ببشرتي، رشاقتي ومظهري الخارجي، حتى طريقة كلامي ووقوفي تغيرت. منذ ذلك اليوم لم يعرفني أحد من أصدقائي الذكور، خاصة بعد تطويل شعري… حقاً، لمياء ساعدتني على إيجاد شخصيتي الحقيقية.”
كريم، 29 سنة: “أكثر ما لفت انتباهي لزوجتي هو اعتناؤها بمظهرها وشعرها. لطالما كانت من النوع المهتم بنظرة الناس لها، لذلك لقبت ‘بالفاشنيستا’ آنذاك لإطلالاتها الخلابة. لم تكن ذات جمال خارجي فقط، بل داخلي أيضاً. بعد الزواج وإنجاب طفلنا الأول، تلاشت صورة الفاشنيستا بسبب احتكاكها بجارتينا ‘المسترجلتين’. قصت شعرها وزادت حدة طبعها وأصبحت تتعامل معي بخشونة وقيادية، حتى معاملتها مع ابننا تغيرت. والأمر المحير أكثر هو اعتيادها على هذا الوضع وارتياحها في الملابس الذكورية.”
مليسا، 19 سنة: “فتحت عيني على موت أبي المفاجئ وانهيار أمي. اضطررت للتخلي عن دراستي مبكراً ودخول العالم المهني الذي يستلزم الحذر الشديد، خاصة وقد كنت في 15 من عمري. لم يكن أمامي خيار غير أن أصبح ‘مسترجلة’ لكي لا تلتفت إلي عيون الجنس الخشن، وأستطيع إعالة أمي وكسب لقمة العيش في نفس الوقت. بهذه الطريقة استطعت النفاذ من مكر الحياة عن طريق ‘الاسترجال’. لذا أقول: ‘الاسترجال’ هو الذي أنقذني من مصاعب الدنيا وأصبح ملازمي طيلة هذه السنين، فكيف لي أن أتخلى عنه؟”
Leave a Reply